حياة كريمة

ان الوضع في عدن ، وباقي المناطق المحررة ، أصبح ينذر بانفجار اجتماعي واسع ، في ظل تقاعس الحكومة عن أداء أبسط واجباتها تجاه الناس ، وانشغالها بالصراعات والمكاسب الضيقة ، وترك المواطن يواجه وحده أعباء الغلاء المعيشي ، وجنون الأسعار ، والبطالة ، وانعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة ، واستشراء الفساد والمحسوبية بصورة مخجلة لا يمكن معها ان تصلح الامور . ولا يمكن ان يستقيم الظل والعود اعوج ، واذا لم تصدق النوايا في انتشال الاوضاع التي وصلت القعر فإن الناس لن يلامون على ما سوف يصنعونه وان الخيارات لديهم كثيرة ادناها الاحتشاد واعلاها الثورة .
“حياة كريمة” كان ابرز الشعارات التي حملتها التظاهرة النسوية التي شهدها شارع المعلا عصر السبت ، والتي شاركت فيها مئات النساء تعبيرا عن الرفض القاطع لتردي الأوضاع المعيشية والخدمية ، وفي مقدمتها أزمة الكهرباء التي تفاقمت بشكل غير مسبوق ، والحياة الكريمة بمفهومها العام تعني تلبية احتياجات الفرد الأساسية ، والحد الأدنى من الرفاهية ، وهي مقدسة في القوانين الدولية التي تدعو إلى حياة كريمة طيبة تضمن العيش بكرامة لكل فرد على هذه البسيطة ، كحقوق مكتسبة لا تسقط ولا تُحبس ولا تُمنع عن احد ، مكفولة بالقوانين النافذة واحد شروط العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين ، وهي بهذه الدلالة الرفيعة تملك من القوة ما تستطيع به هز عروش الاستبداد والفساد والظلم .
ان هذا الشكل النبيل من الاحتجاج السلمي ، الذي يعبّر بجلاء عن حجم المعاناة التي يكابدها المواطنون في العاصمة عدن ، وفي المحافظات المحررة جراء غياب الخدمات الأساسية ، والانهيار الاقتصادي وتدهور العملة الوطنية التي فقدت قيمتها الشرائية بشكل لا يتناسب مع الدخول الضعيفة لشرائح واسعة ، وارتفاع اسعار السلع الغذائية الضرورية وتفشي الفقر والعوز في أوساط الغالبية الساحقة من المواطنين ، كما ويعبر ذلك الاحتجاج السلمي عن مدى بلوغ المواطن اقصى درجات الصبر الى الحد الذي لم يعد قادرا على الصمود امام الجوع او الحر الكاوي لتخرج صرخاته مدوية في وجه الصمت والتجاهل ، وغياب الجهات المسئولة الفاضح والتهرب من اداء واجباتها تجاه الناس وتركهم يتحملون مرارات واعباء هذه المرحلة القاتمة بكل بؤسها ورزاياها.
لقد بات حري بالحكومة العمل على تحسين الاوضاع والخدمات ومكافحة الفساد المتوغل في جسد كثير من المؤسسات والانتصار لقضايا الناس والدفاع عن حق العيش الكريم لكل مواطن ، ونأمل برئيس الوزراء الجديد ان يبدأ من الان برسم السياسات الصحيحة والعمل الجاد والمثمر لإنقاذ المواطن من براثن الجوع وغياب الخدمات ، والاعلان خطوة بخطوة عن من يقف في طريق اي اصلاحات من شأنها تلبية حاجات المواطن في العيش الكريم ، كما نعلق الآمال العريضة على اشقاءنا في دول التحالف العربي بالدعم والمساندة ، والله من وراء القصد .