مقالات وكتاب

في الظاهرة القبلية

حضرت اليوم الى “شعبة ال عتيق ” جموع لشيوخ وافراد القبائل وشخصيات مجتمعية وحضور رسمي وشعبي لمشاركة “ال عتيق” في تنصيب الشيخ نبيل ناصر الداحمة العتيقي ، كان يوما قبليا اعاد لنا نكهة ماضٍ للاجداد وبروتوكولاتهم في اشهار مراجعهم ،   وتمنى الحضور للاخ الشيخ نبيل التوفيق والنجاح

حالة تضعنا امام احياء منظومات مجتمعية كانت في مرحلة ما هي السائدة والقائدة والآمرة والناهية ، لكن تطوًر الحياة المجتمعية سياسيا واقتصاديا وثقافيا اخذ منها معظم صلاحياتها واستلب منها معظم دورها ، وان بقيت له من صلاحيات فهي على هامش المجتمع مقارنة باشكال مجتمعية احدث كالاحزاب ومؤسسات والدولة ونظمها ..الخ

ان التجمعات البشرية لا تحب الفوضى بل تبحث عن هيئة تنظيمية يشعرون انها تديرهم ، وقد ارتقت هذه التجمعات فعرفت العائلة ثم القبيلة  ثم الشعوب التي تدار باعراف ونظم وقوانين ومؤسسات اوسع من اعراف العائلة والقبيلة ونظمها وكانت الدولة ارقى هيئة لادارة التجمعات البشرية فاتسعت الهوية والالتزامات وتحقق فيها الاندماج الوطني ، واذا ما ضعفت الدولة او تراخت قبضتها او انعدمت فان التجمعات البشرية تلجأ للبديل الذي يديرها وتعتبر القبيلة اقدم هيئة تنظيمة تدير شؤون افرادها وتنظم حقوقهم وواجباتهم وتقيم فيهم شكل من اشكال الحكم والقوانين التي تنظمها

كان رئيس القبيلة او شيخها هو الذي يحمي اعرافها وهو قائدها الحربي ويمثل شخصيتها الاعتبارية امام القبائل الاخرى وكان العارف او  يضع من تتوفر فيه الكفاءة والمعرفة للفصل في القضايا… الخ

كانت المراتبية فيها ركنا مهما في تمسكها وتماسكها ، وكان الشيخ مع كبار مستشاريه من اهل الراي من القبيلة هم من يتخذون القرارات ويذعن لها الجميع لذلك فان احترام هذه المراتبية والالتزام لها كان العنصر المهم لنجاحها في ادارة شؤون افرادها وعلاقتهم بالاخرين ، لكن لم  يعد الالتزام لتلك المراتبة كما كان في الاسلاف القديمة وصار من يرى ان رايه الاصوب بل ان رفضه للانصياع لتلك المراتبية ميزة نجاح وانه ليس ملزما ، فضاعت هيبة قرار القبيلة بين من لايدركون العواقب

اسهمت عوامل متشابكة في تآكل هيبة القبيلة وقرارها منها دخول انظمة الدولة منها الهجرة وكذا العمل في مؤسسات الدولة واحزابها والانشطة الاقتصادية لافرادها فتحقق للكثير منهم اكتفاء واستغناء  كل ذلك أدخل انماط من السلوك يتجاوز منظومة القبيلة ونظمها في الحقوق الواجبات والالتزام التي ظلت شبه جامدة وتدير نمط حياة ظل شبه جامد  فخلخل ذلك الالتزام  بمحددات القبيلة التى ظلت تتوارثها جيلا بعد جيل في عالمها المحصور في جغرافيتها وعلاقاتها التي تمتد مع القبائل المحيطة

القبيلة تسير بخطى مشدودة بماضٍ لن يعود ، ودعاة ازاحتها مشدودون بمستقبل يتعثّر ما أزاحها ولم يثبّت ركائزه بعد ، والازدواجية بين الدولة والقبيلة أبقتها رابطة نسب ولم تعد شكل وحيد للتنظيم  اختزلها اليوم “عبدالله صالح الناصري” وهو معروف في محافظة شبوة بقوله:
“القبيلة تشبه جبح ملان نوب بدون ابو”

18 ابريل 2024م

مقالات ذات صلة

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى