مقالات وكتاب

لمحات من تاريخ الجيش الجنوبي

حتى لا ننسى
– يطل علينا يوم الاول من سبتمبر من كل عام عيداً وطنياً يحتفل فيه الجيش الجنوبي ومعه كل شعب الجنوب بهذه المناسبة العظيمة تكريما للدور الوطني والبطولي الذي سار عليه هذا الجيش في حماية دولة الجنوب والدفاع عنها من تكالب الاعداء بكل شرف وامانه واخلاص وتضحية وساهم كثيرا في دعم التنمية من خلال مشاركته في المشاريع التنموية التي كان يكلف بها وكذا مشاركا فعالا في المبادرات الجماهيرية فيً بناءً المصانع والوحدات السكنية وحصد المنتجات الزراعية وغير ذلك انه كان بحق جيش الشعب ومن الشعب الذي لم يتدخل قط في ادارة الشؤن المحلية للسلطات الحكومية المدنية وكان مثالاً للجيش الاحترافي المنضبط والذي يؤدي مهامه الموكلة اليه في الدفاع عن سيادة البلاد وحفظ امنها واستقرارها بكفاءة عالية

– في الواقع تأسس في الجنوب عدد من التشكيلات العسكرية والامنية منذ بداية القرن العشرين لحاجة بريطانيا لتثبيت الامن والاستقرار في المنطقة المحتلة والتي لم تكن فقط الجنوب ولكن تعدى ذلك الى مناطق اخرى في الاقليم وهناك العديد من التسميات التي ظهرت في البداية منها جيش محمية عدن وهناك جيش البادية الحضرمي في المكلا اضافة الى الجيش النظامي التابع لسلطنة القعيطي وجيش سلطنة لحج وغيرها وفي مناطق متعددة تم بناء شرطة محلية تابعة للسلطنات تحت اسم الحرس القبلي الثاني واضافة الى ذلك تم بناء الحرس الحكومي الاول تحت ادارة المعتمد البريطاني بهدف تامين الطرقات والقوافل من التقطع وحماية الامن العام في الارياف كل هذه الوحدات العسكرية تدار بشكل مباشر من قبل السلطات البريطانية بالمشاركة مع السلطنات والمشيخات في الجنوب ومع تاسيس اتحاد الجنوب العربي اصبح جيش محمية عدن اضافة الى جزء من الحرس الحكومي الاول تحت ادارة حكومة الاتحاد وسمي جيش الجنوب العربي وايضا ضم وحدات الحرس الاول الذي كان يتبع ادارة المعتمد البريطاني ليكون الشرطة الاتحادية والتي تعني بامن المحافظات الريفية عدى عدن التي لها امنها وشرطتها المدنية وشرطتها المسلحة المستقلة والذي كانت تدار مباشرة عبر حاكم عدن البريطاني مباشرة كل هذه الوحدات العسكرية التي ورثناها في الاستقلال تم تجميعها تحت ادارة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وتم الدمج المباشر لجيش الاتحاد النظامي مع جيش البادية الحضرمي وبقية الوحدات التي كانت مهامها امنية تم دمجها في اطار وزارة الداخلية وتم ذلك بسلاسة وتسلمت القوات المسلحة حماية حدود البلاد بشكل عام والوحدات التابعة الامن العام تسلمت مهام حفظ الامن والاستقرار الداخلي

– [ ] كان لهذه القوات دورا كبيرا في تثبيت الاستقلال الوطني تسانده وحدات الحرس الشعبي وجيش التحرير الوطني والذي اندمج مباشرة في قوام الجيش الجنوبي فقد تموضع الجيش الجنوبي في الثغور والجزر وانتشر بالصحاري و السهول لحماية الدولة الحديثة وساهم في حفظ الامن والاستقرار في عموم البلاد

– الجيش الجنوبي دخل في امتحان صعب خاصة وقد جيشت الجيوش ضده منذ اليوم الاول للاستقلال ووجد نفسه في صراع مسلح على مدار الساعة وكانت صحاري شبوه وحضرموت والمهرة الميدان الابرز لتلك المعارك التي خاضها ببسالة للتصدي لمحاولة زعزعة الامن والاستقرار ونجح في تحقيق الامن والاستقرار رغم شحة الامكانيات وفي ظل ظروف متدنية للسلامة وخاصة بالنسبة للطيارين المقاتلين وطياري النقل العسكري لان جميع المطارات في المحافظات ترابية وتفتقر لأبسط شروط السلامة بالنسبة للطيران ومع ذلك كان تفكير المقاتلين كيف ينفذوا المهام بنجاح ومن شروط ذلك ايضا تنظيم تعاون وثيق بين القوات البرية وسلاح الطيران خاصة وساحة المعركة مفتوحة خلال فترة سبعينات القرن الماضي اضافة الى انه خاض الجيش الجنوبي حرب مع نظام صنعاء في عام 72 م بعد اعلانه الجهاد المقدس لضم الجنوب بالقوة وانتصر وخاض مرة اخرى حرب عام 79 م وكان الانتصار كبير تجاوز كل المقاييس السابقة كل هذه الحروب الرسمية وغير الرسمية التي وجهت ضد الجنوب كان الجيش الجنوبي يقف لها بالمرصاد وظل بناء الجيش يسير على قدم وساق في خضم المعركة وبدأت بخطة ثلاثية وبعدها خطتين خمسيتين لاحقة تتمحور حول ثلاث مهام رئيسية اولا اعداد الكادر محليا وخارجيا وثانيا توريد الاسلحة وفقا للمهمة الاولى وثالثا بناء البنية التحية من المنشئات العسكرية الثابتة من مطارات وموانىء ومعسكرات وكليات ومدارس فنية وورش ومعاهد وغرف عمليات حديثه وسارت العملية بثبات رغم الخضات الداخلية التي كانت تحدث بين وقت واخر بين الاطراف السياسية في قيادة الدولة

– من اهم عوامل نجاح عملية الدفاع والبناء في ان واحد ان تم تعزيز الانضباط العسكري وتطويره على اسس ما كان يتمتع فيه جيش الجنوب العربي الذي ورثناه بعد الاستقلال حتى اصبح احد اعمدة البناء العسكري الجنوبي وفي نفس الوقت تمتين الوحدة الوطنية بين افراده وكوادره القيادية وابعاد الجيش عن التدخل في الشؤن المدنية للسلطات المركزية والمحلية وتوجيهه نحو عملية الدفاع والامن عن حياض الوطن من التدخل الخارجي والتفرق الكامل للتدريب ورفع الجاهزية القتالية للوحدات والتنافس للوصول الى ارفع الدرجات في هذا المجال مع منع اي فرد من افراد القوات المسلحة من ممارسة التجارة او الاستثمار اثناء تأدية الخدمة العسكرية منعاً باتا

– ومن اهم نجاح بناء القوات المسلحة ان تم الحفاظ على نظام الادارة والمالية التي ورثناه عن جيش الجنوب العربي وكذا نظام التموين والتخزين والذي اصبح راسخا في حفظ الممتلكات العامة للدولة كما تم منح كافة الحقوق للجندي والضابط كاملة دون نقصان في الترقية والمرتب والعلاوات مباشرة حتى يشعر المقاتل بالاطمئنان وترتفع معنوياته بان حقوقه تصله دون عناء ودون ان يكون هناك واسطه او من يتصرف بمزاجية ويسرق معاش الجنود وتمويناتهم وكل هذه الامور غير موجودة على الاطلاق كما لا وجود لاسماء وهمية فيً كشوفات الوحدات وكان ذلك من سابع المستحيلات

– كان الحيش الجنوبي جيش محترف بكل ما تعني الكلمة من معنى كون كل افراده متفرقون بشكل كامل لتأدية المهام العسكرية في التدريب والجاهزية القتالية والاعداد الشامل لمسرح العمليات والتدرب على مختلف الاوضاع القتالية واتقان التعامل مع المعدات الحربية والاجهزة والتدرب على تنظيم التعاون بين القوات المشتركة اثناء السلم لتنفذ المهام بكفاءة اثناء الحرب والكوارث وكل تلك العناصر تساهم في صنع النصر الذي كان حليف الجيش الجنوبي في كل مسيرته الحربية واصبح من الجيوش الاحترافية العالية التأهيل والتدريب والجاهزية القتالية والتي نفتخر بما وصل اليه من المستوى النوعي وتعدد اصناف القوات في فترة قياسية صغيره واختبر في كثير من المواقف على ارض الواقع وفي كثير من المناسباتً انه جيش لا يستطيع احد ان يحرف بوصلته في الدفاع عن الوطن وباختصار انه ليس بجيش للانقلابات العسكرية

– تحية للجيش في عيد تأسيسه الواحد والخمسين وتحية لكل فرد وضابط عمل فيه. وساهم في بناءه وتطويره واعرف بان هناك قوى كانت تتربص بهذا العملاق الجنوبي عماد الدولة الجنوبية والذي ما ان انتهت حرب صيف 94 لم يترددوا في تسريحه لأنهم يعرفون بانه ليس بجيشهم ولن يستطيعوا تركيعه ومع الاسف استمر هذا الفيتو على هذا الجيش رغم تعاقب الانظمة والحكومات الفاسدة والتي تتفنن في معاقبته حد تجويعه من خلال منع المرتبات الضئيلة التي تصرف لهم في اوقات متباعدة وكانهم يعاقبوه باثر رجعي

– تحية للجيش الذي لقن النظام العفاشي درس لن ينساه فقد من بعدها السيطرة على النظام وارغم على التراجع عن بعض الاجراءات المفرطة والظالمة ضد الجنوب وذلك من خلال تفجير الثورة السلمية التحررية الجنوبية التي واجهت اجهزة قمع للنظام بصدور عاريه وقدم اروع التضحيات مع جماهير شعب الجنوب في تركيع نظام صنعاء وانتهى بعدها الى غير رجعه

– العبرة في ان الجنوب عليه ان لا يضيع الخبرات التي يكتنزها الجيش الجنوبي ولديه الامكانية لاستيعابها ومواصلة مسيرة بناء جيش جنوبي وعلى اسس وطنية وعلمية وادارية ومالية وانضباطية عالية وينهل من التجربة العسكرية الجنوبية الوطنية التي تداولها جيل بعد جيل منذ تأسيس النواة الاولى للجيش الجنوبي

– في الاخير هي فرصة للمجلس. الرئاسي بان يلتفت الى هذه الشريحة الوطنية التي تعرضت للظلم والاقصاء وعلى الاقل يوجهوا بتنفيذ القرارات التي اتخذت سابقاً فيما يتعلق بتسوية معاشات واوضاع منتسبي القوات الجنوبية واعادة من لا زال تنطبق عليه شروط الخدمة وذلك كرد اعتبار للضرر الذي وقع عليه من جراء التسريح القسري منذ العام 94 م ولو تعرفون بان هذا الجيش قد حافظ على الارض الجنوبية في ظروف قاسية فالأولى ان تسوى اوضاعهم وتصرف مرتباتهم من تلك الثروة التي تصرف لمن وهب ودب والتي اتى البعض لاستثمارها الان وقطف ثمارها بينما ذلك الجيش من تجرع المر في الحفاظ عليها والمفروض ان يكافىء لا ان يعاقب في قوت يومه ومعيشته ومستقبل اسرته وهنا لابد من تحقيق العدالة ورد الاعتبار وجبر الضرر لمثل هؤلاء الابطال فورا ودون ابطاء ونجدها مناسبة لكي نلفت انتباه المجلس الى ان هناك مظالم كبيرة مارسها النظام السابق بعد عام 94 م بحق الجنوبيين ويتطلب اعادة الحقوق الى اصحابها وتعويض الضحايا وجبر الضرر

– ختاماً: اليوم تقوم القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها بتطهير محافظات شبوه وابين على طريق تطهير بقية المحافظات حضرموت والمهرة من العناصر الارهابية وتحقيق الامن والاستقرار وبهذه المناسبة نوجه لهم التحية

– لواء ركن طيار / قاسم عبدالرب العفيف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى