الشروط الروسية تعرقل التوصل إلى هدنة بين موسكو وكييف

أكد الكرملين، السبت (17 مايو/ أيار) أن أي لقاء محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتطلب التوصل إلى “اتفاقات مسبقة” بين الطرفين. ورغم الاتفاق المحدود على تبادل الأسرى، الذي شهدته مدينة اسطنبول التركية، تبقى احتمالات تحقيق اختراق كبير ضئيلة في الوقت الحالي. فالتباين بين شروط الطرفين، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية، يعيق التوصل إلى هدنة. وفي حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استضاف المحادثات، أهميتها لإنهاء الحرب، مشيرا إلى استمرار تركيا بدور الوسيط، شددت تصريحات الكرملين بضرورة إبقاء المفاوضات “سرية”.
شروط روسية لوقف النار
وتشمل الشروط الروسية، وفقًا لمصدر أوكراني مطلع، انسحاب القوات الأوكرانية من مناطق دونيتسك، زابوريجيا، خيرسون، ولوهانسك، التي تطالب موسكو بالسيادة عليها، قبل الموافقة على وقف إطلاق النار. كما تطالب روسيا بتخلي أوكرانيا عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتنازل عن شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014، إضافة إلى وقف شحنات الأسلحة الغربية إلى كييف. هذه المطالب، التي وصفها مصدر أوكراني بأنها “تتجاوز المقترح الأمريكي”، تُعتبر غير مقبولة من قبل أوكرانيا، التي تطالب بانسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها، بما يشمل حوالي 20% من الأراضي المحتلة.
وخلالالمفاوضاتالتي استمرت أقل من ساعتين، لم يُحرز الطرفان تقدمًا كبيرًا، باستثناء اتفاق على تبادل ألف أسير حرب من كل جانب، وهو ما يُتوقع تنفيذه الأسبوع المقبل، وفق تصريحات رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف. وأشار فلاديمير ميدينسكي، كبير المفاوضين الروس، إلى أن موسكو “أخذت علمًا” بطلب كييف لعقد قمة بين الرئيسين، لكنه أكد أن المباحثات المستقبلية تعتمد على تنفيذ هذا التبادل أولًا.
موقف أوكرانيا
الجانب الأوكراني يصر على ضرورة وقف إطلاق نار “غير مشروط” لمدة 30 يومًا كشرط أساسي للمضي قدمًا في المفاوضات، وهو مطلب دعمته حكومات غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا. ومع ذلك، رفضت روسيا هذا العرض مرارًا، معتبرة أن المفاوضات يجب أن تتناول “الأسباب الجذرية” للصراع، وهو تعبير يُشير إلى مطالبها الإقليمية وشروطها السياسية.
على صعيد الضغوط الدولية، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلا الطرفين إلى إنهاء الصراع، مهددًا بالتخلي عن جهود الوساطة إذا لم يُحرز تقدم واضح. ومع ذلك، أثارت تصريحات ترامب التي دعت زيلينسكي لقبول المحادثات المباشرة دون شروط مسبقة، قلق الأوكرانيين والأوروبيين من ميل واشنطن نحو موسكو. في المقابل، أعلنت أوروبا، بقيادة فرنسا والاتحاد الأوروبي، عن خطط لفرض عقوبات جديدة على القطاعات المصرفية والطاقة الروسية، بهدف “خنق” الاقتصاد الروسي إذا استمر رفض موسكو لوقف إطلاق النار.
الوضع الميداني
على الأرض، تواصل القوات الروسية هجماتها، حيث أسفر هجوم بطائرة مسيرة على حافلة مدنية في منطقة سومي عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أربعة آخرين، وهو ما وصفه زيلينسكي بـ”القتل المتعمد للمدنيين”. كما أعلنت روسيا عن سيطرتها على بلدة ألكسندروبيل في دونيتسك، مما يعكس تفوقها العسكري الحالي. هذه التطورات تزيد من تعقيد المفاوضات، حيث استشهد ميدينسكي بقول نابليون: “الحرب والمفاوضات يجب أن تتم بالتزامن”، مبررًا استمرار
تحرير: فلاح الياس
الكاتب: علاء جمعة (أ ف ب، رويترز)