حقن الفيلر في مصر.. من حلم التجميل إلى فخ خطير
مواد مهربة وعيادات غير مرخصة تهددان مصريات يرغبن في وجه حسن.

تشهد مصر مؤخرا تزايدا ملحوظا في ظاهرة الإقبال على حقن الفيلر كحلّ تجميلي غير جراحي لتحسين ملامح الوجه ومكافحة الشيخوخة، وسط انتشار مراكز تجميل غير مرخصة تستخدم مواد رديئة، ما يثير قلقا واسعا بشأن سلامة هذه الإجراءات وتأثيراتها الجسدية والنفسية المحتملة.
تشهد مصر انتشارا واسعا في استخدام حقن الفيلر، كتقنية تجميل لاستعادة الشباب وتحسين المظهر دون حاجة إلى عمليات جراحية، وكحلّ سريع لملء التجاعيد وإبراز ملامح الوجه، ما جعلها محط اهتمام من النساء والرجال في مصر مؤخرا.
ورغم الجوانب الإيجابية، من حيث نتائجها السريعة وقصر فترة التعافي، إلا أن هذا لا ينفى وجود مخاطر عند استخدامها بشكل عشوائي، أو تعاطيها في مراكز تجميل وعيادات غير مُرخص لها، تستعمل مواد مُهربة ورديئة.
وقامت وزارة الصحة المصرية مؤخرا بالتفتيش على عدد من العيادات العاملة في المجال، وأحالت أصحابها للتحقيقات أمام النيابة العامة، بعد التيقن من وجود مخالفات طبية، والعثور على أدوية منها حقن فيلر غير مرخصة من هيئة الدواء المصرية.
وضمن العيادات التي تم إيقافها عن العمل، عيادة شام الذهبي ابنة المطربة أصالة، وأحيل المحضر للنيابة العامة، ومن بين المضبوطات أدوية غير المرخصة، وحقن فيلر.
وهناك تجارب ناجحة لاستخدام الفيلر، ساهمت في إبراز جمال سيدات ورجال، لكن توجد أيضا تجارب مؤلمة، تركت تأثيرات جسدية ونفسية سيئة لدى البعض.
تغريد عبدالرحمن، سيدة ثلاثينية تعمل في مجال تسويق العقارات، قالت لـ”العرب” إنها قررت أن تجري بعض الرتوش التجميلية في وجهها وتملأ شفاهها حيث تعاني من ندبة منذ صغرها، وشد انتباهها إعلان لحقن الفيلر على مواقع التواصل الاجتماعي لإحدى عيادات التجميل، ووقع اختيارها دون تفكير عليها، لأن أسعارها منخفضة، وتقوم بتقسيط المبلغ المطلوب، ولن ترهقها التكلفة المادية.
والمثير أن تغريد تأكدت من المسؤولين عن المكان من خلال إرسال رسالة نصية عبر فيسبوك قبل أن تذهب في موعدها المحدد، أن العيادة بها أطباء معتمدون، ومعهم رخصة مزاولة مهنة الطب، وسيطلعونها على عبوة الحقن للتأكد من نوعها وأنها مرُخصة.

فوجئت بأن التي ستقوم بحقن الفيلر فتاة صغيرة في السن، وعندما سألتها هل أنت طبيبة؟ أجابت الفتاة بالنفي، زاعمة أنها مُدرّبة بشكل جيد، أما بخصوص نوع وعبوة الفيلر، فقد اكتشفت أنهم خدعوها بعرض عبوة أخرى عليها.
ورغم أن تغريد رضخت للأمر الواقع، وكانت نواياها حسنة، لكن بعد ذلك عرفت أنها وقعت في فخ، حيث تسببت الحقن في تورم وندبات على شفاهها ووجهها، وفقاقيع جلدية على بشرتها،
ما جعلها تقلق، وتذهب إلى طبيب مختص لتذويب المادة التي تم حقنها بها، وهي عبارة عن مادة رديئة، ولا تمتّ للفيلر الأصلي بصلة، وقامت بتحرير محضر ضد العيادة.
تغريد، ليست الضحية الأولى أو الأخيرة لحقن الفيلر غير المرخص باستخدامها، والتي تحتوي على مادة رديئة، إذ وقعت أم ساجدة، وهي تيك توكر شهيرة، في نفس المأزق، حينما ذهبت لحقن شفاهها في صالون تجميلي تملكه سيدة معروفة، وتروّج لنفسها كثيرا على مواقع التواصل، وفوجئت السيدة بانتفاخ شفاهها بشكل غريب.
بثت أم ساجدة مقطع فيديو على حسابها الشخصي على موقع تيك توك، ظهرت فيه شفاهها متضخمة، ما أثار موجة من التعليقات التي لا تخلو من تهكم متابعيها عليها.
وتُطلق أخصائية الجلدية والتجميل بالقاهرة علياء المهدي على صالونات التجميل النسائية التي تستخدم حقن الفيلر بلا إرشاد طبي اسم “دكاكين الفيلر”، وتستخدم مواد رديئة، تؤدي لتورم وتشنج الجلد، وغالبا تقبل عليها السيدات لانخفاض سعرها.
وأشارت إلى أن هذه الصالونات تنتشر في المناطق الشعبية، ولا تقع عليها مسؤولية قانونية، لأن الصالون نفسه غير مُرخص قانونا.
وتتفق مع هذا الرأي أخصائية الجلدية والتجميل نهلة السنطاوي، وقالت لـ”العرب” من أكبر الأخطاء التي تقع فيها بعض السيدات اللجوء إلى صالونات تجميل غير مرخص لها تلقي حقن الفيلر، بحثا عن سعر أقل أو توصيات من صديقة، وهو وضع خطير جدا، لأن الصالونات غير مجهزة طبيا، ومن يقوم بالحقن غير مؤهل، ما يزيد من احتمال حدوث تشوهات، وربما مضاعفات قد تصل إلى انسداد الأوعية الدموية.
وأكد الصيدلي حسام جمال لـ”العرب” أن الكثير من أنواع حقن الفيلر المستخدمة لم تحصل على ترخيص طبي من وزارة الصحة، وقد تكون جودتها عالية، لكن يتم بيعها في السوق السوداء عن طريق تهريبها، وتوجد حقن فيلر رديئة، ويجب التحري بدقة قبل تعاطيها.
ولفت إلى أهمية اختيار المكان من قبل الراغبين في التجميل بحقن الفيلر، ويكون ذا ثقة، ويضم أطباء جلدية وتجميل، ومصرح لهم بمزاولة العمل في المجال الطبي.وظهرت أنواع جديدة من الفيلر مثل (sculptra Radiesse) منذ نحو عقدين تُحفز على إنتاج الكولاجين الطبيعي في الجلد، ثم تطورت حقن الفيلر، مع تحسن في التركيبات والتقنيات المستخدمة.

وقالت الأخصائية نهلة السنطاوي لـ”العرب” إن حقن الفيلر من أكثر الإجراءات التجميلية رواجا بين الباحثات عن مظهر مشدود دون اللجوء إلى جراحة، ومع تطور التكنولوجيا والمواد المستخدمة ظهر جيل جديد من الفيلر يقدم نتائج طبيعية أكثر ويدوم لفترة أطول، مع تقنيات حقن أكثر دقة وأمانا.
وكشفت أن الجديد في عالم الفيلر هو تطور أنواع المواد المستخدمة، مثل الفيلر الذي يحتوي على حمض الهيالورونيك النقي والمطور بتركيبات تحفز الكولاجين في البشرة، وتندمج بشكل طبيعي مع الأنسجة دون أن تعطي شكلا مصطنعا، كما ظهرت تقنيات جديدة في طريقة الحقن مثل microdroplet and cannula وتقلل من الكدمات والتورماتو توزع المادة بشكل أنعم.
ولفتت الأخصائية إلى أنه رغم فوائد الفيلر الجمالية، ما زالت لدى البعض هواجس منه، بسبب التجارب السيئة المنتشرة على وسائل التواصل، وظهور نتائج غير طبيعية
على بعض الأشخاص، كما أن الخوف من المواد المغشوشة وغير المصرح بها والحقن الخاطئ، يجعل الكثير من السيدات يترددن في اتخاذ هذه الخطوة.
وذكرت لـ”العرب” أن الفيلر إجراء بسيط، قد يتسبب في بعض الآثار الجانبية، مثل التورم والكدمات أو ظهور تكتلات تحت الجلد، وفي حالات أخرى يؤدي الحقن الخاطئ إلى انسداد شرايين الوجه أو ربما فقدان البصر، كما أن الاستخدام المفرط يفضي إلى تغيير في الشكل بصورة غير طبيعية.
وشددت السنطاوي على أن أول خطوة لحماية السيدة لنفسها هي اختيار عيادة تجميل موثوق بها، وطبيب مختص ومع تصريح بمزاولة هذه المهنة، وكل سيدة عليها أن تطلب من الطبيب رؤية عبوة الفيلر قبل فتحها، وتتأكد أنها صالحة وحصلت على ترخيص رسمي، وتحمل اسم المادة الفعالة وتاريخ الصلاحية ورقم التشغيل، ويُفضل أن تصور العبوة من أجل توثيقها، حال حدوث مشكلة لاحقا.
ونصحت الطبيبة المختصة السيدات بحماية أنفسهن بعد الحقن، من خلال تجنب لمس الوجه أو وضع مستحضرات التجميل لمدة 24 ساعة، ويُفضل عدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة، وتجنب صالات التدريب الرياضية، وأي مجهود بدني عنيف لنحو ثلاثة أيام، والمتابعة مع الطبيب للتأكد من أن كل شيء يسير بشكل سليم.