مقالات وكتاب

الهوية والشرعية ومستقبل الانتقالي

شاهدت على قناة الغد المشرق لقاء الزميل مراد الحالمي وزير النقل السابق، وبعيدا عن كلامه حول الشق المتعلق بالحكومة والرئاسة والمعبر عن موقفه الشخصي تجاه ما أسماه فساد الرئاسة والحكومة، فإن الشيء الذي يلفت نظر أي سياسي هو حديث الأخ مراد في الشق السياسي كقيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، وعلى وجه التحديد حديثه عن مسائل اربع هي: مفهوم الشرعية، ومفهوم الشراكة والتوافق، وموقفه من مصطلح الجنوب العربي، ورؤيته للحوار السياسي القادم!.

أنا لم استغرب من حديث الأخ مراد في هذه المسائل الأربع، فأنا أعرفه في الهيئة الاستشارية ملتزما حزبيا لرؤية الحزب الاشتراكي اليمني تجاه معظم القضايا السياسية الوطنية ومنها القضية الجنوبية، وهي رؤية سياسية مقدرة نلتقي معها في أجزاء كثيرة ونختلف معها في أجزاء أخرى.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل بقية أعضاء الاشتراكي اليمني الثمانية في هيئة رئاسة المجلس الانتقالي ورفاقهم في جمعيته الوطنية وفي مركز دعم صناعة القرار على نفس الطرح الذي سمعناه من الرفيق مراد؟!

أيا كانت الاجابة بنعم أو لا، فالمحصلة النهائية أن هناك رؤية سياسية مطروحة داخل هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي متمسكة بالهوية اليمنية، وتنظر للشرعية كمنظومة دستورية وتوافقية، وتعتبر القضية الجنوبية قضية سياسية قابلة للحل من خلال الحوار السياسي الوطني.

هذه الرؤية ليست رؤية الحزب الاشتراكي فقط، بل هي رؤية العديد من القوى السياسية ذات المنشأ الجنوبي أو ذات الامتداد الوطني على حد سواء، وأبرزها تلك القوى التي شاركت في المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة وفي مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء وأخيرا في مؤتمر دعم الشرعية في الرياض، وهي قوى موجودة في الساحة الجنوبية، وبعضها لها حضور بأفراد داخل هيئات المجلس الانتقالي وبنسب متفاوتة.

لكن إلى أي مدى يمكن لهذه القواسم المشتركة الأربعة التي تحملها تلك القوى التي ممكن نسميها -مجازا- قوى المؤتمرات الثلاثة (القاهرة وصنعاء والرياض) من البروز في ثنايا البرنامج السياسي للمجلس الانتقالي وفي خطابه السياسي، وبالتالي نقل المجلس من مربع إدارة الجنوب والتصلب حول هوية الجنوب العربي الى ساحة الحوار السياسي مع القوى الأخرى تحت سقف الشرعية الدستورية وفوق أرضية الهوية اليمنية المشتركة؟!

في تقديري أنه من السابق لأوانه الحكم بالنجاح أو الفشل في تحقيق ذلك، فحسم النقاط الاربع (مفهوم الشرعية ومفهوم الشراكة والهوية وأسس الحوار) متوقف على مدى استقلالية القرار السياسي للمجلس وعلى مدى هامش التنوع وحرية الرأي داخل هيئاته.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى