مقالات وكتاب

ثلاثة سيناريوهات للحرب اليمنية بعد تصعيد الحوثيين ولقاء جريفيثس

 

بعد أيامٍ من التصعيد المفاجئ الذي تصدّر مسار الأحداث في اليمن، بإطلاق (الحوثيين)، أكبر دفعة صواريخ باليستية تجاه السعودية، بدا الغموض في طبيعة ردّ الفعل المتوقّع من قبل التحالف، وسط سيناريوهات عدة للمرحلة المقبلة، أبرزها تراجع فرص العودة القريبة إلى المسار السياسي وبدء موجة جديدة من التصعيد، أو استمرار الحرب الاستنزافية كما هي عليه جنباً إلى جنب مع تحرّكات سياسية لا ترقى إلى وقف الحرب، وهو الأمر الذي يعتمد على الإرادة الدولية والإقليمية وعلى حلّ الأزمة الحاصلة بين الشرعية اليمنية والتحالف.

وأكد مصدر يمني قريب من الحكومة، أن «الجانب اليمني في الشرعية لم يُبلّغ بأي تصور حاسم من قبل التحالف، بالتوجه نحو خيار الحسم العسكري أو استئناف المفاوضات من عدمها»، على ضوء التطورات الأخيرة، مشيراً إلى اعتقاد سائد لدى المسؤولين اليمنيين بأن زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة، سيترتّب عليها مع عودته المرتقبة «اتضاح الصورة» في ما يتعلّق بخيارات التحالف إزاء الحرب في اليمن، باعتبارها أحد أبرز الملفات المطروحة خلال نقاشات بن سلمان مع المسؤولين الأميركيين والأمم المتحدة.

وبعد أيام من التصعيد الحوثي غير المسبوق، بإطلاق سبعة صواريخ باليستية دفعة واحدة باتجاه السعودية، كانت الملاحظة الأبرز، هي عدم شروع التحالف برد فعل مباشر على صعيد العمليات العسكرية، كما كان يحصل في السابق عقب أي تصعيد نوعي من قبل الحوثيين، على غرار الصاروخ الباليستي الذي استهدف مطار الرياض في نوفمبر2017، وأعقبه إغلاق التحالف منافذ اليمن كافة وإعلان قائمة بـ40 مطلوباً من الحوثيين، وغيرها من الخطوات.

وفي السياق، برزت الكثير من التفسيرات للسيناريوهات المقبلة ولرد فعل التحالف، أولها انتظار عودة بن سلمان من الولايات المتحدة، لحسم خياراته باستمرار الحرب وتصعيدها أو إتاحة فرصة للعودة إلى المفاوضات، على أن يبقى التصعيد الاحتمال الأكبر، وفقاً لأغلب المعطيات والتجارب التي مرّت بها البلاد على مدى أكثر من ثلاث سنوات.

وتبرز مع التصعيد تساؤلات عن نوعية الخطوات المقبلة، وما إذا كان التحالف سيحسم أمره نحو العاصمة صنعاء أو محافظة الحديدة غرب البلاد، باعتبارها أقرب محطتين لأي عمل عسكري مقبل. وبرزت المؤشرات في ما يتعلّق بالحديدة، باستمرار تركيز الضربات الجوية في الجزء الشمالي من الساحل الغربي (محافظة حجة)، حيث ينفّذ التحالف غارات بوتيرة يومية، وسط أنباء عن استعدادات للتحرك لاستكمال السيطرة على ميدي كطريق نحو الحديدة، من الشمال، بعد أن تقدّمت إلى أطراف المحافظة الجنوبية القوات الجنوبية المدعومة إماراتياً، في الشهور الماضية.

في موازاة ذلك، يبرز السيناريو الثاني والمحتمل بدرجة أو بأخرى، ويتمثّل باستمرار عمليات التحالف كما كانت عليه في الشهور الماضية، مع استغلاله لتصعيد الحوثيين، للتهرّب من الضغوط الدولية المنادية بوقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات، بحيث تستمر العمليات الجوية للتحالف، مع تصعيد لا يرقى إلى التحرّكات الحاسمة. وتدعم هذا المسارَ الأزمةُ الحاصلة في صف الشرعية ـ التحالف، إذ أن الوضع في مناطق سيطرتهما ، يعيش أزمة على مستويات مختلفة، لا سيما بين التحالف والحكومة الشرعية، التي بدأت، أو عدد غير قليل من مسؤوليها، يفقدون الثقة بالتحالف. وبالتالي، فإن الظروف في ما يتعلّق بالشرعية ـ التحالف، غير مهيّئة للدخول في معركة حاسمة، قبل الوصول إلى تفاهمات على الأقل بين الحكومة اليمنية وأبوظبي.

ويبرز السيناريو الثالث، والذي تدعمه الكثير من المؤشرات والتصريحات الدولية، وتحركات المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيثس، ويتمثّل بالذهاب لجولة مفاوضات جديدة، وإن لم تتوقّف الحرب، على غرار الجولات السابقة التي رعاها المبعوث الدولي السابق اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأهمها مشاورات الكويت عام 2016، التي ما إن انتهت، حتى عاد التصعيد. وتدعم هذا السيناريو، التصريحاتُ الأميركية والبريطانية المختلفة، التي وعلى الرغم من دعمها للسعودية وللتحالف الذي تقوده، إلاّ أنها تشدّد في الوقت ذاته على أنه يجب الذهاب إلى حلّ سياسي ينهي معاناة اليمنيين.

وفي هذا السياق، وبتطورٍ هو الأول من نوعه منذ تصاعد الحرب في اليمن قبلا ثلاث سنوات، عقد جريفيثس لقاءً مع زعيم «أنصار الله»، عبدالملك الحوثي، في إطار الجولة التي يقوم بها في المنطقة لبحث استئناف مشاورات السلام.

وقال رئيس ما يُسمى بـ«اللجنة الثورية العليا»، التابعة للحوثيين، محمد الحوثي، في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، إن اللقاء الذي عُقد الأربعاء يأتي «في إطار تعزيز الفرص للدفع بعملية السلام» وإيقاف ما وصفه بـ«العدوان» وفك الحصار «الجائر»، المفروض على اليمن، من قبل «التحالف العربي».

وبين السيناريوهات الثلاثة وغيرها، يبقى التصعيد واستمرار الحرب مع احتمال ظهور مفاجآت عسكرية بدون تحوّل حاسم، هو أبرز ما تشير إليه مختلف المعطيات والتجارب التي مرّت بها البلاد.

ومع ذلك، فإن جميع الاحتمالات واردة، بما فيها توجه التحالف نحو إتاحة فرصة للمبعوث الدولي الجديد، وبالبناء على الترحيب الذي أظهره الحوثيون في الشهور الأخيرة، لكن ذلك يبقى الاحتمال الأضعف بين الاحتمالات المطروحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى