منوعات

عراقي يحوّل منزله إلى صالة عرض سينمائي مجانا

عاشق للسينما يعرض أفلاما قديمة أمام الأجيال الشابة.

بغداد – اعتاد العراقي محمد دخيل أن يتردد على دور العرض السينمائي في العاصمة بغداد مع أصدقائه بشكل يومي تقريبا في شبابه، عندما كانت دور السينما وجهة الشباب بدل المقاهي، لكن الوضع تغير منذ الغزو الأميركي لبلاده عام 2003، حيث اقتصرت مشاهداته للأفلام على سينما أنشأها في منزله الخاص.

وقال دخيل “ليس سهلا أبدا أن تقنع أحدهم بمشاهدة فيلم سينمائي أو الاستمتاع بالذهاب إلى أحد دور العرض، في الوقت الذي ترزح فيه بلاده تحت وطأة الفوضى والعنف، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي دفعت العراقيين إلى الكفاح من أجل ضمان لقمة العيش”.

وبعد هجره دور السينما حوّل عاشق السينما البالغ من العمر 55 عاما أكثر من نصف منزله إلى دار عرض سينمائي، ليفتح بذلك نافذة على تاريخ مشهد كان نابضا بالحياة يوما ما في بغداد.

وقال دخيل “هذا بيتي قسمته تقريبا إلى نصفين، النصف الأكبر منه خصصته للسينما، جعلت المكان صالة وضعت فيها شاشة ومسرحا وأدوات عرض، هي محاولة بسيطة لتعويض الصالات التي أغلقت أبوابها في بغداد، أجمع فيها أصدقائي من هواة السينما، كنا مجموعة  نتابع كل جديد في السينما ونذهب إلى دور العرض مرة كل أسبوع أو  أسبوعين، حسب ما يتوفر من جديد نتابعه من خلال الإعلانات أو الصحف، لكن لم يعد ذلك ممكنا اليوم لأسباب عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية، لذلك اخترنا أن نلتقي عندي في البيت”.

كان العراق به 82 دار سينما ذات يوم، منها 64 في العاصمة المزدحمة، بحسب إحصاء سابق.

وأغلقت دور السينما هذه أبوابها واحدة تلو الأخرى إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين، حتى لم يبق سوى خمس دور عرض فقط وقت الغزو الأميركي.

وجعل التمرد الذي أعقب الغزو، وتسبب في مقتل عشرات الألوف، العراقيين يخافون من التواجد في الأماكن العامة ووسط حشود، إذ اختاروا الأمان النسبي بالبقاء في البيوت، حيث يمكن للعديد منهم مشاهدة المئات من القنوات الفضائية.

واشترى دخيل المئات من أشرطة الأفلام وبكرات السينما التي بيعت في الشوارع بعد الغزو، في مشهد مؤلم لعشاق السينما.

وتتضمن مجموعة دخيل الشخصية أيضا 23 آلة 35 ملليمترا و35 آلة 16 ملليمترا، يستخدمها لتقديم عروض سينما مجانية لمحبي الأفلام مثله.

وقال دخيل “بعد أن أغلقت أغلب دور السينما التي تأثر ما تبقى منها بجائحة كورونا، ازداد بيع أجهزة العرض والأشرطة السينمائية على بسطات الخردة في الشوارع، كان الأمر مؤلما بالنسبة لي لأنني لا أملك المكان الذي يسعها، لكنني مع ذلك شرعت في شراء بعض الأدوات المتعلقة بالسينما، وبدأت أفكر في تدبر مكان يتسع لها، وصار عندي اليوم 23 ماكينة عرض سينمائي 35 مللي وأكثر من 35 ماكينة حجم 16، بالإضافة إلى المئات من الأشرطة والآلاف من الإعلانات والمانشيتات السينمائية”.

وبينما يقّلب دخيل في إعلانات قديمة بالصحف لأفلام كانت تُعرض في السينمات في حينها، يتحدث قائلا “هذه سينما ريكسو وروكسي وزبيدة وهذه سينمات شارع السعدون، وهذه سينما السندباد، وهذه سينما النجوم التي تحولت حاليا إلى مخزن أدوية ومعدات صحية، رغم أنها كانت تداوي أرواحنا بنفائس من الفن السابع، وهذه سينما أطلس وهي حاليا محل ديكور، والكثير من دور العرض التي حولت نشاطها الثقافي إلى أنشطة اقتصادية أخرى لا علاقة لها بسينما ولا بالفرجة، لا من قريب ولا من بعيد”.

وإضافة إلى العروض المجانية في المنزل، يعرض دخيل معداته في المراكز الثقافية، ويعرض أفلاما قديمة أمام الأجيال الشابة.

وبينما يقدم عرضا في أحد المراكز الثقافية، قال “نعرض هنا هذه المعدات التي أصبحت من التراث العراقي البغدادي، نعرضها في كل فرصة تتاح لنا حتى يعرف هذا الجيل الجديد تاريخ السينما في بلادنا، وأحرص على توثيق هذا التاريخ مع صديقي الدكتور سامي لنحضر الفيلم الوثائقي وفق المناسبة.

العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى