تراث

من الشعر الشعبي في الضالع

 

أ/صالح  القطوي

الضــــــــــــالع بيئة خصبة لنظم الشعر الشعبي بأغراضه المختلفة, وهي من المدن اليمنية المتألقة في مجال الشعر الشعبي والفصيح, وعلى اختلاف أغراضه ومعانيه وجد الشعراء فيه وسيلتهم لتوصيل أفكارهم إلى المجتمع, بوصف الشاعر القارئ والناقد الأول للواقع المعاش: السياسي والاجتماعي والإنساني ونقل معاناة الوطن – الشعب والإنسان فيه.

هذه قصيدة سياسية قديمة وجميلة *(للشاعر أحمد سفيان محسن- الضبيات)*, وهي من القصائد التي قالها مطلع التسعينات, بعنوان *(إلى الجبل وا سارية)*, وكأنها صرخة الشاعر الرافض لآلام حبيبته بعد إحساسه بوقوعها في شرك الأسر وبيعها في سوق الفوضى والسياسة, يقول فيها:

يا هاجسي عالوزن جاوبني, ورد بالقافية
والخارطة حدد مكانك أين واسم الزاوية
(لا تستمر في شعر متدني وتكثر بالنحيب)
يقول بن سفيان هزي و الرياح العاتية
أيام مرت آح انا شهبا وسودا آتيه
(وضاق منها ضاق منها كل من صدره رحيب)
اتفكرت ياهوين وهي كانت مياه صافيه
واطاولت فيها الثعالب عالأسود الضارية
(باقولها صرخة عجيب أيوه يا دنيا عجيب)
باقولها تكرار يالله للجبل وا ساريه
من قبل ما تصبح عروشك والمخادع خاويه
(من قبل لا يسمع ولا يوجد مع الداعي مجيب)
يشتوا سجتها تشوه بالسنين الخالية
وتعيش تحت الكبت والا عالوصاية ثانيه
(وتبات رهن الخوف والجو المعتم والكئيب)
احنا كسيناها وكانت على الحضانة عارية
واحنا غسلناها رعيناها فأضحت غانيه
(من بعد ما عاشت حقب من دهرها بعمر رتيب)
كل من تحداها قسم ما حس في جسمه عافيه
لو تقعد الدنيا وقامت بل وجاءت باكيه
(باقول يا دنيا على رسلك فلا غيره حبيب)
من قال نرضى للحبيبة يوم ترجع جاريه
والله ما بادل ولا أرضى في حبيبة ثانيه
(من الذي يرضى يبدل بالحقيقة ألف ريب.?)
باحذر الأيام وأنذرها البقية الباقيه
والا لقيتم مننا ضربة قوية قاضيه
(كي لا يقع يوما بجسم الغانية جسم غريب)
على مدى الأيام نسقيها دمانا الغاليه
أطرافها ظلت مقابر للجيوش الغازيه
(دهور شابت والحبيبة في صباها لن تشيب)

قمة الإبداع أن يستعير الشاعر بن سفيان المعاني المبطنة التي توحي بمعنى المعني وتوصيله إلى المتلقي بأسلوبه السلس ليؤثر فيه من خلال اختيار القالب المناسب لقصيدته وقد جمع فيه بين عرض الفكرة في البيت الأول من كل مقطع والرد عليها في كل قفل تال لها بتقديم الحجة والاتيان بالدليل على دمغها من مأثور القول وواقع الحياة أمثالا وحكما تطمئن لها نفس المتلقي وتتمثله.

أما قوافيها فتذكرنا بقصيدة الشاعر حسين المحضار, وصوت بلفقه, قوله:
(وراك يا خل ضربتني ضربة قاضيه ولا هي معروفة من كل ناحيه), مع اختلاف الغرض والوزن فضلا عن زمن ومكان القصيدتين ومناسبة كل منهما.

ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى ثنائية الشاعر والفنان للمحضارين وسر نجاحهما في نقل الأغنية الحضرمية إلى خارج الوطن والخليج, في ظل تأزم تلك العلاقة مع قطبي فن الأغنية الضالعية عند كل من *(الشاعر أحمد سفيان والفنان عبدالحكيم الموفق)* بعد نجاحهما في توصيلها للمتلقي لفترة من الزمن, أيام صفاء تلك العلاقات الثنائية بينهما, وقبل أن تكدر صفوها الأيام الخاليات, برغم حاجة المجتمع الشديدة إلى عودة المياه إلى مجاريها, *(لأن الفن رسالة قبل أن يكون قطيعة)*, وعودتها مطلب شعبي ينبغي معالجته وتفريغ شحناته بأي شكل من الأشكال.

  • صحيفة الوطن العدنيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى